شيء من هذا القبيل

شئٌ من قبيل اللطف ، شئُ من قبيل الجمال !!

فإذا أتى السؤال عن الفرق بين الحكي والثرثرة جاءت الإجابة الفن و ابراهيم أصلان فنان والحق يقال .........

العم أصلان مجدداً ودفتر من دفاتر أحواله ووريقات لسيرة القصاص ومشاهد من حياته.. إلتهام الكتاب هو دليل على جودة الصنعة وجمال السلعة وحسن الطعم والمذاق.

كما نعتاد من عمنا أصلان، ذات اللغة الجميلة المنعشة السهلة. لغته تجعلك تظن لوهلة قدرتك على الإتيان بمثلها. لكن حنكة القاص ليست فقط في لغته المميزة بل في نقله الحي والفياض لما عاشه من مشاهد ومشاهدات

شيء من هذا القبيل أكثر حميمية من خلوة الغلبان وتقربك أكثر من عالم أصلان الخاص.. حتى ما اختار من مقالات كي يضمنها رأيه أو مشاهدته كانت ذكية وموحية ولا تبعدنا عن سياق ارتحالنا السريع في عالم الرجل وحياته الخاصة

أنصح من أحب قراءة العملين أن يبدأ بـ"شيء من هذا القبيل" ثم ينتقل إلى "خلوة الغلبان".. لعل في الاقتراب الشخصي في الأولى ما يجعلك أكثر رهافة وتذوقا لحسن الثانية

"قيل، مرة، إن أمرك لا ينتهي أبدا، ‫ما دام لديك قصة تسردها، وشخص يصغي إليها".

- إبراهيم أصلان

كتير تملكني فضول عابر لقراءة عمل صغير للشخص اللي درِّسُلنا مقاله الكنيسة نورت في الثانوية العامة، لحد ما اصطدمت في منشور لدار الشروق، موجزه كان اقتباس لكتاب شيء من هذا القبيل، وقولت أقرأ عدة صفحات على سبيل التسلية، ولكن جاذبية الكتاب ما تفلتنيش إلا في آخر صفحة.

أوقد الكتاب نوستالجيتي نحو الماضي الجميل بقصصه الأثيرة، وبعث حنيني للحواري الشعبية اللي بتذكرنا بالدفء وناس زمان، استمتعت بحكاياته اللي تلحَّفت بالبساطة والفكاهة، وشقُّه في حديثه سبيل لعلاقته بعم نجيب محفوظ ويحيى حقي ومحمد أبو يوسف اللي كتب حوار فيلم باب الحديد ليوسف شاهين، ولم يهفُ عن خاطره يخصص فصل كامل عن فيلم الكيت كات وشخوصه الحقيقة المستلهمة من الواقع، من قلب إمبابة محبوبة أصلان، والمثوى الأخير للشيخ حسني، والتحوُّل اللي غطى سلوك الهرم، وحكاوي تانية عن حياته ومواقف يومية، وأحلامه، وكتاباته، وأسفاره اللي أشرك القارئ بيها وكل ده بلمسة لا تخلو من المزاح والبساطة في الحديث، من الآخر أنت قاعد معاه على القهوة وبيحكي لك حكاوي ممتعة ومفيدة في نفس الوقت.

وفي أقرب فرصة مغرية، هتلاقيه حرر المثقف اللي جواه، فنقل صورة عن اعتياد الناس للقسوة والعذاب وخروج الغرائز العدوانية وعبورها لروتين العادة اليومية لو حصل تعزيز للسلوك، ومرة تانية يحيل نظرك لومضات ومواقف يومية ليها ماضي وخلفية وسبب مستتر عن العلن.

إننى وإن كنت لا أرتح نفسياً لروايات ومجموعات إبراهيم أصلان وخاصة مايسمى بـ"مالك الحزين " إلا أننى لازلت أصدّق على أنه كاتب هام من أهم كتاب الستينيات

وفى الحقيقة عندما اقرأ كتبه الموضوعية التى يتناول فيها موضوعات لمقالات او قصص ذاتية له .. تكاد عينى تدمع من فرط الصدق والإتقان التى يكتبها به ..

وهذا الكتاب ومن قبله خلوة الغلبان اخبرانى أن أصلان ولد لكى يكون كاتباً .. لا روائياً أو قاصاً

أكثر ما أفرحنى وأضحمنى وأدمعنى فى هذا الكتاب " رسالة إلى الله عز وجل ، فعلاً " وأكثر ما أبكانى فعلاً " مات العم نجيب " .. فى الحقيقة كتاب رائع .. انصح الجميع باقتنائه

قصص وخواطر جميله وممتعة كالعادة من الإستاذ ابراهيم اصلان، وقد تعلمت منه الكثير.